{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} والمراد من التحريم المنع، والمراضع: جمع المرضع، {مِنْ قَبْلُ} أي: من قبل مجيء أم موسى، فلما رأت أخت موسى التي أرسلتها أمه في طلبه ذلك قالت لهم: هل أدلكم؟ وفي القصة أن موسى مكث ثمان ليال لا يقبل ثديا ويصيح وهم في طلب مرضعة له.{فَقَالَت} يعني أخت موسى، {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ} أي: يضمنونه {لَكُمُ} ويرضعونه، وهي امرأة قد قتل ولدها فأحب شيء إليها أن تجد صغيرا ترضعه، {وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} والنصح ضد الغش، وهو تصفية العمل من شوائب الفساد، قالوا: نعم فأتينا بها. قال ابن جريج والسدي: لما قالت أخت موسى: {وهم له ناصحون} أخذوها وقالوا: إنك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله. فقالت: ما أعرفه، وقلت هم للملك ناصحون. وقيل: إنها قالت: إنما قلت هذا رغبة في سرور الملك واتصالنا به. وقيل إنها لما قالت: {هل أدلكم على أهل بيت} قالوا لها: من؟ قالت: أميُ قالوا: ولأمك ابن؟ قالت: نعم هارون، وكان هارون ولد في سنة لا يقتل فيها، قالوا: صدقت، فأتينا بها، فانطلقت إلى أمها وأخبرتها بحال ابنها، وجاءت بها إليهم، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها، وجعل يمصه حتى امتلأ جنباه ريًا. قال السدي: كانوا يعطونها كل يوم دينارا فذلك قوله تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا}.{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} برد موسى إليها، {وَلا تَحْزَنْ} أي: ولئلا تحزن، {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} برده إليها، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أن الله وعدها رده إليها.{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قال الكلبي: الأشد ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة. قال مجاهد وغيره: ثلاث وثلاثون سنة، {وَاسْتَوَى} أي: بلغ أربعين سنة، ورواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقيل: استوى انتهى شبابه {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} أي: الفقه والعقل والعلم في الدين، فعلم موسى وحكم قبل أن يبعث نبيا، {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.